علم نفس

مدونة تعنى بعلم النفس, يحررها محمود زيد

*ترجمة وتنسيق : الطالب الجامعي محمود صابر زيد – كفرقرع
النظرية النفسية الإجتماعية لإريك إريكسون ( התיאוריה הפסיכו-סוציאלית של אריקסון )
لقد وضع إريكسون نظريته المشهورة هذه والتي قسّم بها حياة الإنسان إلى ثماني مراحل منذ ولادته إلى آخر أيامه وتكلّم عن صراع خاص بكل مرحلة والذي يتوجّب على الإنسان أن يحلّه في الوقت المناسب حتى يتسنّى له مواجهة التحدّي القادم بكل قوّة . شدّد إريكسون في نظريته على الجانب الإجتماعي ومن هنا جاء إسم النظرية ووفقا لأقواله فإن تطوّر الإنسان متعلّق ومتأثّر بمبنى المجتمع الذي ينمو فيه الإنسان وكذلك بقيم هذا المجتمع .
وهذه المراحل الثمانية هي كالتالي :
المرحلة الأولى : منذ الولادة حتى جيل سنة ( ثقة أساسية مقابل ارتياب وشك )
في هذه الفترة يتعلم الطفل أن يثق بالآخرين الذين يسدون حاجاته لأنّه في هذه المرحلة بالذات هو عاجز عن تلبية حاجاته بنفسه ويحتاج إلى مُعيل , وعند ذلك يطوّر الطفل شعور بقيمة ذاته وأنّ له كيان منفرد عن أمّه . لكن , إذا لم يتلقَ الطفل الحنان والعطف ولم يجد من يهتم بتلبية رغباته فإنّ ذلك يضع الطفل ضمن دائرة الخطر وهناك إحتمال كبير بأن يطوّر شخصية مرتابة لا تثق بالآخرين لأنّ أقرب الناس إليه لم يمنحوه الحنان فكيف بالبعيدين كما أنّ الطفل يكوّن في رأسه نموذجا سيئا للعالم الخارجي ومهما يكن عندها الإنسان الذي يقف أمامه فهو يعتقد أنّه لا يريد مساعدته ولا يُضمر له خيرا .
المرحلة الثانية : من جيل سنة إلى ثلاث سنوات ( الإستقلالية مقابل الخجل والشك )
الولد الصغير في هذه المرحلة يتعلّم مهام جديدة ومنها وأهمّها السيطرة على قضاء حاجاته وأيضا التقيّد بقواعد المجتمع فالولد يفهم أنّه عندما يريد قضاء حاجته فعليه الدخول إلى المرحاض وليس إلى غرفة الإستقبال مثلا . يصبح الطفل قادرا على تنفيذ هذه المهام لوحده شيئا فشيئا وعند ذلك فهو يطوّر شعورا بالإستقلالية . لكن الطفل الذي لا يطوّر هذه الإستقلالية فعندها يبدأ بالشك بقدراته ولأنّه ليس كبقية الأولاد يصير خجولا .
المرحلة الثالثة : من جيل ثلاث سنوات إلى ست ( المبادرة مقابل التهمة )
الولد يوسّع مجال إستقلاليته فيبدأ بالمبادرة إلى ألعاب مع الأولاد الآخرين ويأخذ على عاتقه جزءا من مسؤولية البيت فمثلا يُغلق باب المنزل عند الدخول ويشتري أغراض لأمه وهكذا . لكن في حالة أنّ المبادرات الصادرة عن الطفل لا تنال إعجاب الآخرين لا بل يرفضونها عندها يمكن أن يتطوّر عند الطفل إحساس بالذنب . هذا الإحساس السيء بالذنب والتهمة يؤدي إلى تقليل المبادرات وربّما إبطالها تماما .
المرحلة الرابعة : من جيل 7 سنوات إلى 11 ( النشاط والحركة مقابل شعور بالنقص )
في هذه المرحلة يُضاف إلى أجندة الصغير مصطلح التعليم والمدرسة ولذا فإنّه واجب عليه أن يصل إلى سيطرة على مهارات أصعب أكثر وأكثر وبالذات في المجال الإجتماعي والتعليمي . الصغير الذي يصل إلى نجاحات في المجالين الإجتماعي والتعليمي يطوّر شعورا بالقدرة على السيطرة وثقة بالنفس . لكن الطفل الذي لا يستطيع السيطرة على المهارات المطلوبة فيمكن أن يشعر بالنقص والضعف وهذا يمكن أن يؤثر سلبا على مستقبله ويمنعه من تجارب جديدة في المستقبل .
المرحلة الخامسة : من جيل 12 إلى 18 ( هوية مقابل بلبلة بالوظائف )
وفقا للتجارب السابقة ومن هنا تأتي أهميتها فإنّ المراهق يطوّر شعور بأنّ لديه هوية متماسكة وشخصية متّزنة . الفشل في الوصول إلى هوية كهذه يمكنه أن يُودي بالمراهق إلى بلبلة في الهوية الشخصية وكذلك في إختيار مهنة ووظائف معينة في الحياة وعندها نسمع أسئلة مثل : من أنا ؟ وماذا سأكون ؟ ولماذا هي حياتي ؟
المرحلة السادسة : أُلفة ومحبة مقابل الوحدة
الإنسان في جيل الشباب يطمح إلى تكوين علاقة زوجية ومشاعر حب وإخلاص لشخص آخر من الجنس الثاني . لكن أولئك الأشخاص الذين استصعبوا تكوين هوية لذاتهم في المرحلة السابقة فهم معرّضون أكثر من غيرهم لصعوبة إختيار شريك حياتهم وتكوين علاقات حميمة معه ولذا فإنّهم معّرضون أكثر للشعور بالوحدة .
المرحلة السابعة : الإثمار مقابل الركود
وفقا لإريكسون , في هذه المرحلة تظهر رغبة بإنجاب جيل جديد وبذلك الدخول إلى عالم الأبوة والأمومة ومسؤولياتهما فتظهر مهام جديدة مثل تربية الطفل والحفاظ على إستقرار العائلة . عندما لا يظهر عند الإنسان إهتمام بالإنجاب يحدث عنده تراجع من فرصة الإثمار والإنتاج ويدخل إلى حالة ركود وتجمّد لأنّه يخالف قوانين الطبيعة بإستمرار النسل .
المرحلة الثامنة : إكمال المشوار مقابل اليأس
كبار السن يصلون إلى شعور بأنّهم أكملوا  المشوار بسلامة في حالة إذا ما استطاعوا النظر إلى ماضيهم وأيامهم السابقة التي قضوها في هذه الحياة ورأوا أنّها كانت حياة مليئة بالإنجازت وأنّهم قد أكملوا رسالتهم خلال سنواتهم القليلة . لكن إذا ما رأوا أنّ حياتهم كانت تافهة ومخيّبة للآمال فإنهم يشعرون باليأس .

بقلم : الطالب الجامعي محمود صابر زيد
هل سيطرت القطبية على فكرنا فلم نعد نبُصر حقيقة الوسطية ؟! أم هل نعتقد أنّ بروزنا وشموخ صوتنا لا يتحقق إلا بالإتجاه إلى الأقطاب ؟! وهل التيارات المتطرفة تستحوذ على قلوبنا وتشغل أذهاننا وتغزو وسطيتنا الضائعة ؟!
في هذه المقالة سوف أقوم بعرض نظرة في المجتمع العربي والإسلامي خاصة والتي تتعلق بتيارات التطرف والإعتدال أو ما يُعرف بالوسطية بالإضافة إلى إضفاء لمسة من لمسات علم النفس على هذا الواقع.
في بداية الحديث أودّ أن أوضّح أنّ مصطلح القطبية يوحي إلى التطرّف والإبتعاد عن خط الوسط. هذا الإبتعاد يمكن أن يكون من كلا الجانبين حيث أنّ القطبية هنا تعني إما المبالغة والتنطّع والإفراط وإما تعني الإستهتار والإستخفاف والتساهل. ولتقريب الصورة للقارئ أشبّه هذا الوصف بمنى الكرة الأرضية فكلنا يعلم أنّ الكرة الأرضية تحوي قطبين: شمالي وجنوبي وفي كلاهما برد قارس وضياء الشمس وإن وصل فإنّه يكون ضئيلا وحياة نصفها الظلام في حين أنّ وسط الكرة الأرضية عند خط الإستواء تسطع الشمس فيه بحرارة وقوّة والدفء مستشرس هناك. إنّ هذا التشبيه يعطي رمزا لمحور الحديث وهو مدح الوسطية ونبذ كل نوع من أنواع التطرف.
كلمة الوسطية أكثر من واضحة لنا ولكنّنا نتجاهلها أو لا نعرف كيف تكون في واقع الحياة أو أنّها لا تعنينا بتاتا مع أنّ الإسلام لطالما حثّ على الوسطية فقد قال تعالى في محكم تنزيله: "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً " وقول رسولنا الأكرم عليه الصلاة والسلام: "خير الأعمال أوسطها". فلمّا كانت الوسطية من منهج الإسلام كان حقا على كل من نطق الشهادة أن يتوسّط في مسار حياته وإلا شدّته تيارات عاتية حتى يصل إلى الأقطاب.
إنّ الناظر في واقع عالمنا اليوم يرى ظاهرة غريبة وهي أنّك إذا أردت المُفرط فإنك تجد أمثلة لا حصر لها وأعداد متزايدة وإذا أردت نموذجا لمتساهل فإنّك تكاد تجد أعداد خيالية ولكنّك إذا أردت نموذجا لشخص وسط فإنك تحتاج إلى بحث يدوم أياما وليالي حتى تجد مرادك وربما يخيب أملك بعد إستقراء الشخص من النظرات الأولى والثانية والثالثة فتجده غارقا في قطبه . لا شكّ أنّ هؤلاء الأشخاص الوسطيين موجودون ولكنّ الإدعاء أنّهم ثلة قليلة من بين ألوف مألّفة . والأغرب من الظاهرة السابقة ظاهرة أخرى تصف إنتقال الشخص من القطب إلى القطب بقفزة نوعية دون عبور الجبال والمحيطات التي في الطريق أو حتى دون إلتفات وإهتمام للصورة الكاملة .
عندما أتكلّم عن الوسطية أعني في ذلك أن تُعطي وتأخذ وأن تحافظ على مبادئك وثوابتك وبنفس الوقت تتأقلم في البيئة المحيطة المتغيرة وتكون عنصرا فعّالا فيها فالكون يحافظ على ثوابته الكونية ومع ذلك نشهد تغييرات في حاله ليتلائم مع الوضع الحالي وبما أنّك يا إنسان جزء من هذا الكون الضخم فمن الطبيعي أن تتصرف كتصرف من هو أكبر منك وأعظم . والوسطية تقع ما بين الترغيب والترهيب والشدّ واللين والتبذير والشُّح وهي تتمركز في نقطة المنتصف على محور له إتجاه موجب وآخر سالب فإن زاد الشيء أو نقص فإننا نبتعد عن الحل الأمثل والطريق الصواب . بالإضافة إلى ذلك , فإنّ الوسطية تضع الإنسان في حالة توازن نفسي في عالم متعدد الأطر والمجالات والمحفّزات وتجعل منه عنصرا مرغوبا في المجتمع وتشركه في كثير من الإتجاهات .
ولكن ما يثير الفضول هو لماذا يتجه إذاً كثير من الناس إلى الأقطاب ويتركون الوسطية في ذاكرة النسيان ؟! للإجابة على هذا السؤال علينا أن ننتبه إلى أنّ واقع الحياة اليوم هو مركب جدا وهناك العديد من تيارات المدّ والجزر والشدّ واللين وهذا يضع الإنسان في دوّامة الحيرة وصعوبة الإختيار . لذلك تجد الكثير يسارعون بإنقاذ أنفسهم من تلك الدوامات بأسرع الطرق وأيسرها وإن لم تكن هي غاية وجود الإنسان خوفا على أنفسهم من الغرق والواقع أنّ جميعنا يسعى للخروج من تلك الدوامات ومن اللاسكينة إلى بر آمنٍ أكثر لنستطيع أن نتحرّر من التركّز بحالنا ونطلق فكرنا وفعلنا خارج كياننا الذاتي . لكنّ ما لم يفهمه كثير من الناس هو أنّ الخروج من هذه الدوامات يجب أن يُفضي إلى طريق الوسطية وليس إلى القطبية المستشرسة في عالمنا فالركون إلى أحد جوانب الحياة وإهمال الجوانب الأخرى هو يسير نسبيا ولكنّ البطولة هو أن تجمع بين الجوانب كلّها فتنجح في شقّ الطريق الوسط من خلالها ولتبسيط الأمور نشبّه الصورة بمن استفرد بدنياه دون أُخراه فكان من المتساهلين وحياته ساذجة لأنّه لم يرد أن يُدخل الآخرة في حياته فعاش في جانب واحد وترك الآخر وأما من استفرد بأُخراه دون دنياه فإنّه يعكس صورة ذاك الراهب القامع في صومته والذي لا يعرف إلا الجانب الروحي ولم يتذكر أنّ لبدنه عليه حق ونسي نصيبه من الدنيا فكانت حياته بسيطة وربّما لم يصل صداها إلى المجتمع الإنساني . لكنّ بطلنا هو من جمع بين الدنيا والآخرة فعاش بين مجتمعه الإنساني وحافظ على مبادئه وثوابته فهو قد اختار الطريق الأمثل وإن كان طويلا أو صعبا ولكنّه علم أنّه غاية الوجود الإنساني .
وإذا ما أردنا أن نوسّع الفكرة فربّما يكون الإتجاه إلى الأقطاب هو من أجل البروز والظهور السريع على مستوى المجتمع والعالم بأسره فالكثير يرون أنّ أحد مقوّمات الشهرة هو الإتجاه إلى القطبية لأنّ هذه الطريق تُحدث ضجّة إعلامية وتستهوي قلوب كثير من الناس لأنّهم سئموا ربّما العيش الطبيعي والتقليدي وأرادوا ما يحوي بداخله عنصر المفاجئة والإثارة .
أضف إلى ذلك فإنّ التربية المبكّرة والثقافة التي يحاول المجتمع اليوم زرعها في عقول الأبناء هي بمثابة ثقافة إما وإما أي إما أن تكون "أ" وإما أن تكون "ب" . إنّ هذا الفصل المصطنع لا يولّد إلا تفكيرا مفرّقا ويساهم في تشويه صورة الواقع الملوّنة ويُعيدنا إلى سنوات الأبيض والأسود والتي لم تعرف معنى الدمج ولكن فقط الفصل والمناقضة . ثمّ إن من طبيعة التفكير الإنساني أنّه إذا استبق في فكره شيئا معينا قبل مواجهة الواقع أو إذا آمن بشيء فإنّ ذلك سوف يؤثّر على التفكير الموضوعي والرؤية الموضوعية لواقع الحياة وهذا يعكس بدوره محدودية الفكر الإنساني وصعوبة تحرّره من الإيحاءات الأوّلية لذلك فإنّ من يعتقد بوجود واقع أسود وأبيض فإنّه سيراه في الواقع وإن كانت أعينه ترى باقي الألوان ولكنّ للوعي الإنساني محدودية . هذا النوع من التفكير نلمسه بشكل واضح عند الفصل بين الدين والحياة اليومية مع أنّ هذا النوع من التفكير هو من إبتداع المجتمع لأنّ الدين الإسلامي في جوهره شامل ويمس جميع أطراف الحياة فترى الناس يستبعدون أعمالا مباحة كثيرة عن الشخصية المتديّنة فيقولون لك هل يعقل أنّ هذا "الشيخ" يلعب الكرة أو يُضيع وقته في رسم لوحات أو تطوير موهبة موسيقية ؟! أو ترى من يعتبر نفسه شخصية غير متديّنة يقول لك هذا الدين لأُناس معينين وليس لأمثالي فأنا لا تُقبل منّي أي صلاة أو قُربة ؟! صحيح أنّ الإيمان والكفر لا يجتمعان في قلب واحد ولكن طالما نحن في دائرة المباح فإدعاؤنا ينادي بعدم الحصر والقصر وليس النفاق أو المراءاة لا سمح الله .
نقطة إضافية قريبة من سابقتها تتمحور حول إلصاق صفات وأوصاف لأشخاص من فئة معينة والتي تكون في غالبية الأحيان عامة أكثر من صدقها لأنّ منطلقنا هو أنّ التعميم من العمى ولكن ما يزيد السوء سوءا هو عندما تكون هذه الأوصاف من نسج الخيال ولها أهداف خفية كتحطيم فئة معينة أو إلغائها من الوجود . مثال حي على هذا هو أنّه هناك فكرة سائدة في المجتمع تدّعي أنّ من يذهب إلى المساجد لأداء الصلوات هم كبار السنّ وضِعاف العامة وشاب "معقّد" و"أصحاب اللّحى" وغير ذلك من فكر مدسوس لإضعاف الوسطية وتعظيم قطبية التديّن ومثال آخر هو ترسيخ فكر غربي في عقول شباب وشابات هذه الأمة فترى الشاب قد وصل إلى قناعة أنّ الشاب المثالي هو من يبتعد قدر الإمكان عن التديّن ومن أخذ يعاكس الفتيات وأمسك بسيجارته وجلس في المقاهي ليشاهد مباراة كرة قدم وسمّ الأرجيلة يرقد في أحشائه والشابة تراها تلاحق الموضة بلباسها وهمّها الأوّل كسب إعجاب شاب وسيم لكي تضمن مستقبلها الزاهر فهذه هي الشابة المثالية . والحقيقة أنّه على كل عاقل وعاقلة أن ينتعل حذاءا باخسا فيدوس بكلا رجليه على هذه الأفكار ويبصُق عليها من ماء الفم ويرمي بها بأقرب مزبلة في التاريخ .
أمّا فيما يتعلق في ظاهرة العبور من القطبية إلى القطبية كإنتقال شخص من التطرّف الديني إلى الإنحلال الخُلُقي أو العكس فوجود هذه الظاهرة مربوط بمحاولة الإنسان ربّما التخلص من عالمه السابق والذكريات المؤلمة إلى عالم ضدي لا يمُتُّ بصلة إلى العالم السابق وهذا الإنتقال المُفاجئ في ظاهره عادة ما يكون مرتبطا بحدث يشكّل نقطة تحوّل في حياة الإنسان . وربّما يكون هذا الإنتقال من القطب إلى القطب لشعور يصيب الإنسان بأنّه لطالما قصّر في جانب معين وعندما تجلّت أمام الإنسان صورة مختلفة للعالم وأيقن أنّ حياته السابقة كانت مجرد تُرّهات لم تقدّم أو تؤخّر عمل بالنقيض لإشباع النقص السابق وعندها وفقط عندها كما يعتقد البعض تحدث الموازنة .
خلاصة القول , إذا نظرت في الكون ترى البحار بمدّها وجزرها وترى الشمس بشروقها وغروبها وترى كمّا هائلا من الألوان في الطبيعة يصعُب عدّها فإنّ كلّ ذلك يدلّ على وسطية الإسلام ويُخرجنا من دائرة الأوهام والأحلام ومن كلّ فكر قطبي ضيّق لا ينبغي له أن يكون إلى دفء الوسطية وسماحتها وسكينتها .

بسم الله الرحمان الرحيم
كنت قد عرضت في الأيام الماضية أمام ناظريكم ملف بعنوان : "هكذا فهم الغربيون معنى السعادة الحقيقية" وقد أكدت حينها وما زلت أؤكد أنّ هذا ليس ترويجا وافتخارا بفلسفة الغرب الإباحية وإنما انتقيت لكم من بين كل علومهم الدنيوية ما ينفع أمتنا العربية والإسلامية وبالتحديد من علم النفس . وقبل أن أبثّ لفضاءكم هذه المعلومات كنت قد تعمّدت إبهاركم بها ليكون الآن مدى إنبهاركم أكبر وأعظم وأشمل لأنّ كل ما قد قيل اليوم هو جزء من تاريخ مضى عليه أكثر من أربعة عشر قرنا بمعنى أنه ليس من جديد الكلام ولا يعد اكتشافا حصريا ولذا كان من الحري بنا أن نعيد النسب لمن سطّر وسجّل السبق العلمي . لا شكّ أنكم عندما تقرئون هذه الكلمات قد فهمتم القصد ولكن إحتراما وتبجيلا منا لحضارة الإسلام لا بدّ وأن نذكر اسم معلّم البشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه والصالحين ممن تبعوهم فهم من جاؤوا برأس الفكر وأغلى القيم وأسمى العلوم والحضارة البشرية والأندلس في حين كان الغرب يتخبّط في ظلمات التخلّف والجهل .
إن السعادة يا أيها الإنسان وُضعت بين يديك منذ أكثر من أربعة عشر قرنا ولكن السؤال الذي يُطرح هل وجدتها ؟! هل بحثت عنها يوما ؟! هل حاولت التنصّل شيئا من الزمان من ثقافة الغرب السائدة في أيامنا لتسبر أغوار السعادة من بين يديك ومن تاريخك الذي لطالما تغنّيت به ؟! إن كنت لم تفعل فإني لا أذمك ولكني أذم كسلك وسهوتك وغفلتك , وإن كنت فعلت فإني أمدح كلامي هذا بجدّك وعملك الدؤوب .
إذاً هل تكلّم الإسلام حقاً عن السعادة ؟! هذا هو السؤال ولكن من ثقافتنا نعلم أنّ من ادعى فعليه البينة وها أنا ذا أضع بين أيديكم أدلة تتكلم بنفسها فقد قال الله تعالى في محكم تنزيله :
( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ) – جزء من آية رقم 97 من سورة النحل .
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية : "بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدار الآخرة , وقال ابن عباس : انها هي السعادة" .
وقال تعالى : ( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ) ..( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ) – جزء من الآيتين 123 و 124 من سورة طه .
وقال ابن كثير في تفسير هاتين الآيتين : "( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ) قال ابن عباس : لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة , ومعنى معيشة ضنكاً أي ضنكاً في الدنيا فلا طمأنينة له ولا انشراح لصدره بل صدره ضيق حرج لضلاله وإن تنعّم ظاهره .  وجاءت أيضا بمعنى : يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه فيه" .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من سعادة ابن آدم : المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح".
ما نلاحظه أنّ الإسلام فهم معنى السعادة بشمولية أكثر وبعقل أكثر تفتّحا ولم يحصر ولم يقصر السعادة على هذه الدنيا الزائلة والزائل نعيمها ولكنّه نظر إلى ما بعد الموت وشملها تحت هذا المصطلح الواسع . كثيرون سيقولون أنّ الغرب لم يشمل هذا المعنى الإضافي تحت سقف مصطلح السعادة لأنه ليس بالإمكان إثبات وفحص تلك المناطق البعيدة عنا أي ما بعد الموت ولكن أقول إنّ العجز البشري لا ينبغي أن يجبرنا أن نلغيَ جزءا من الحقيقة لبيان كمال الفهم الإنساني فإن الحقيقة المرة خير من الوهم المريح وقدرات الإنسان محدودة لا محالة.
وكيف ظهرت العوامل المرتبطة بالسعادة في النصوص الدينية قبل أكثر من أربعة عشر قرنا ؟
كنا قد قلنا أنّ أول عامل هو شخصية الإنسان حيث أنّ الأشخاص السعداء هم منفتحون أكثر وأقل عصبية . هؤلاء أشخاص مع ثقة عالية بالنفس وهم متفائلون أكثر .
كثيرة هي الآيات والأحاديث التي تتحدث عن هذا ولكن ننتقي جزءا منها دون تفصيل مسهب :
أولا : قال الله تعالى : ) وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين ) – آية 77 من سورة القصص . آية شاملة تحوي على تفائل وأمل في أولها ( الدار الآخرة ) , عيش الحاضر بسعادة بعد ذلك ( الدنيا ) , الإحسان إلى الخلق وهذا هو الإنفتاح بعينه , وأخيرا لا تفسد في الأرض ومع الخلق وهذا هو نبذ العصبية بعينها .
ثانيا : قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) أو كما قال . يقول د. يوسف القرضاوي في تفسير معنى القوي كما ورد في الحديث : "المؤمن القوي ... القوي في شخصيته، القوي في إرادته، القوي في تفكيره، القوي في بدنه، كل أنواع القُوة مطلوبة من المسلم؛ لأن الإسلام هو دين القُوة، دين الجهاد، دين العزَّة والكرامة، فهو يُريد لأبنائه أن يكونوا أقوياء ..." .
العامل الثاني من العوامل المرتبطة بالسعادة كما نقلت سابقا هو العلاقات الإجتماعية حيث أنّ العلاقات الإجتماعية القوية والجيدة مرتبطة بشكل قوي مع السعادة . الدين الإسلامي هو دين الإجتماعيات فهو يحثّ عليها ويريدها لبناء مجتمع متكاتف ومترابط . نجد هذا الحضّ في النصوص الآتية :
أولا : قول الله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات:10). وقوله تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) (المائدة:2). وقوله تعالى : ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً ) (آل عمران:103).
ثانيا : روى البخاري و مسلم عن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: " المسلم أخو المسلم لا يظلمه و لا يسلمه، من كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته، و من فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، و من ستر مسلم ستره الله يوم القيامة " .
وغيرها الكثير من الأحاديث والآيات التي تحث على الإحسان إلى الناس وتعميق العلاقات الإجتماعية ومساعدة الفقير والعطف على المسكين وكفالة اليتيم وبر الوالدين وصلة الأرحام والأقارب وزيارة المريض والسلام على المارين واتباع الجنائز والإيثار والكرم وحسن الضيافة والإستقبال وغيرها من الآداب والأعمال الكثير ولكنّي حاولت أن أعرض أمامكم صورة عامة لهذه المعاملات .
بالنسبة لما عرضته بما يتعلق بحقيقة أنّ الدعم الإجتماعي مرتبط بطول العمر فقد حثّ الإسلام على تقديم الدعم الإجتماعي وزيارة المرضى . يقول عليه الصلاة والسلام: "حق المسلم على المسلم ست" قيل: وما هن يا رسول اللّه ؟ قال: " إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتّبعه".
وقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضتُ فلم تعدني ! قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين ؟! قال: أما علمت أن عبدي فلانًا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده ".
الإسلام عندما يحضّ على زيارة المريض فإنّ ذلك ليس عبثاً أو صدفة وإنّما لأهمية الزيارة وما تتركه من أثر إيجابي على المريض وتجعله يشعر أنه ليس وحيداً وإنما من حوله أناس يحبّونه ويرجون شفائه فهو بمثابة دعم نفسي للمريض ومن الطبيعي أن يزيد من احتمالات الشفاء وبالتالي يساهم في إطالة عمر الإنسان .
العامل الثالث المرتبط بالسعادة كما نقلت سابقا هو تحقيق الذات والدليل على ذلك :
أولا : قال تعالى: ( مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً ) (الأحزاب:23) . قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى : ( وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً ) " أي وما غيروا عهدهم وبدلوا الوفاء بالغدر بل استمروا على ما عاهدوا الله عليه " .
ثانيا : قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ) . وقوله عليه الصلاة والسلام : "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه " .
في كل هذا إشارة إلى أنه من وضع هدفا أمام عينيه فلا بدّ أنّ يحافظ على حلمه في تحقيقه فلا يتنازل بسهولة عن مراده ولكن يبقى مثابرا حتى آخر خطوة .
العامل الرابع المرتبط بالسعادة كما نقلت سابقا هو قيمة في الحياة . لا شك أنّ الإلتزام بما أمر الله به والإجتناب عما نهى عنه هو منهج السعادة فالكل يتّفق أنّ الدين هو منبع الآداب والأعمال الصالحة التي تبقى خالدة بعبور الإنسان من هذه الدنيا كما أنّ الإنسان المؤمن يشعر أنّه بعبادته هو يشكر الله ويحمده على جميل فضله وامتنانه بأن منحه حقّ الحياة ونعماً أخرى كثيرة لا تعدّ ولا تحصى . بالإضافة إلى ذلك فإن مساعدة الآخرين هو أحد أهم الأشياء التي مدحها الشرع الحنيف ولا حاجة للتفصيل كثيرا في هذا المجال . قال تعالى : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ، وبذى القربى واليتامى والمساكين، والجار ذى القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم , إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا ) .
وهذا والله تعالى أعلم وأحكم ...

ترجمة وتنسيق : الطالب الجامعي محمود صابر زيد – طالب علم نفس وتربية في الجامعة العبرية في القدس .
*هذه المعلومات منقولة من مساق فصول في فهم الشخصية ( קורס תורות האישיות ) في الجامعة العبرية في القدس – المحاضرة رقم 11 لـ  د.مايا تمير (ד"ר מאיה תמיר ) .
قبل البدء أود أن أعرض تعريفين لمصطلحين مهمين لفهم سياق الحديث :
אקסטרוברטיות ( أقرب كلمة وجدتها هي الإنفتاح ) : هم أشخاص دافئون ومحبون , مفعمون بالحيوية والنشاط , لديهم إصرار , سعداء ومستمتعون في الحياة .
נוירוטיות ( لربما أقرب كلمة هي العصبية ) : هم أشخاص يميلون إلى القلق , العدائية , الإكتئاب , حساسين جدا ولديهم تشديد مبالغ على مظهرهم وكيف يرونهم الآخرون .
إذاً ما هي العوامل المرتبطة بالسعادة ؟!
أولا : شخصية الإنسان
الأشخاص السعداء هم منفتحون أكثر وأقل عصبية . هؤلاء أشخاص مع ثقة عالية بالنفس وهم متفائلون أكثر .
ثانيا : العلاقات الإجتماعية
العلاقات الإجتماعية القوية والجيدة مرتبطة بشكل قوي مع السعادة .
كما أن الدعم الإجتماعي مرتبط بطول العمر ! لقد تم التوصل إلى أنّ إحتمال الموت الفجائي مضاعف لدى المطلقين والأرامل ( رجالا ونساءا على حد سواء ) . كما أنّ لمرضى السرطان إحتمال أكبر بكثير للبقاء على قيد الحياة 20 سنة بعدما تم تشخيص المرض عندهم بشرط أن يكون عندهم دعم إجتماعي . لمرضى القلب أيضا الذين عاشوا لوحدهم كان هناك إحتمال أكبر بمرتين بأن يصيبهم نوبة قلبية أخرى مقارنة بأولئك الذين عاشوا مع شخص آخر . إضافة إلى ذلك المتزوجون يعيشون بالمعدل 4 سنوات أكثر من المطلقين .
*خلاصة القول : الأشخاص الذين لديهم علاقات إجتماعية مؤثرة وقوية هم سعداء أكثر .
*في بحث أجراه الباحثان دينر وسليجمان عام 2002 تبين أن ما يميز أكثر الأشخاص سعادة في العالم أنه لجميعهم كان هناك علاقات إجتماعية قوية وداعمة .
ثالثا : تحقيق الذات
الأشخاص السعداء هم أشخاص يعملون من أجل تحقيق غايات وأهداف شخصية ومستقلة وليس هذا فقط وإنما يستمتعون بتحقيق أهدافهم ولا يشعرون بالوقت من شدة إندماجهم بعملهم .  تحليل شخصي : هذا لا يعني أنهم أنانيون ولكن لديهم شخصية قوية وأهداف واضحة يعيشون لتحقيقها ولا ينجرون بسهولة وراء الآخرين .
رابعا : قيمة في الحياة
الأشخاص السعداء هم أشخاص مساهمون وملتزمون بأشياء خارج كيانهم الذاتي . أمثلة على ذلك :
*الدين والروحانيات : الأشخاص الملتزمون هم أشخاص أكثر سعادة – الغرب يعترف بأفضلية التدين .
*مساعدة الآخرين : في بحث أجرته الباحثة دان وغيرها عام 2008 حول السؤال , متى نكون أكثر سعادة هل إذا استعملنا المال لشراء شيء ما لأنفسنا أم في حالة استعملنا هذا المال من أجل إقتناء شيء ما لشخص آخر حتى ولو لم نكن نعرفه . لغرض البحث أعطوا لكل مشترك مغلف فيه قدر من المال ليتصرف به وقالوا لقسم من المشتركين اشتروا شيئا لأنفسكم وللقسم الآخر قالوا اشتروا شيئا لشخص آخر . النتيجة كانت أنّ المشتركين الذي اشتروا بمالهم شيئا لشخص آخر أقروا بارتفاع حاد جدا في مدى سعادتهم .
معلومات أخرى مفيدة عن السعادة : من أكثر سعادة ؟
*صغار السن أو كبيري السن ؟ الجواب : لم يتم إيجاد فرق في نسبة السعداء في مجموعات الجيل المختلفة .
*رجال أو نساء ؟ الجواب : لم يتم إيجاد فرق في نسبة السعداء من كلا الجنسين .
*أشخاص جميلي المظهر ؟ لم يتم التوصل إلى علاقة بين الجمال الخارجي وبين السعادة .
*أشخاص أصحاء ؟ الجواب : الأمراض الصعبة تضر بالسعادة بشكل كبير . عندما يكون هناك مرض مزمن وقاسي فالأشخاص يكونون أقل سعادة . أمراض غير صعبة لا تؤثر على السعادة .
*أشخاص متعلمين ؟ هناك أفضلية لمستوى أساسي في التعلم حيث أن الأشخاص الذين يعرفون القراءة والكتابة هم أكثر سعادة من أولئك الذين لا يعرفون . عدا عن ذلك لم يتم التوصل إلى أفضلية واضحة .
*أشخاص أغنياء ؟ عندما لا تتواجد وسائل لسد حاجات أساسية مثل الأكل والشرب والنوم فالناس يكونون أقل سعادة , لكن عندما تتوفر الحاجات الأساسية فإن ثلاث سيارات لا يجعلننا أكثر سعادة من سيارتين أو أي شيء مادي آخر ( أراضي ودولارات ووو ) – أكثر أو أقل لا يؤثر على مستوى السعادة . في الدول الغربية لم يتم إيجاد أي علاقة بين السعادة والغنى !
في النهاية أتمنى أن تكون أيامنا كلها سعيدة ...

בתמונה דר' מאיה תמיר